الأربعاء، 1 مايو 2019

عندما ينظر العربي إلى السماء

عندما ينظر العربي (المصري) إلى السماء

استلقيت تحت أشعة أشعة الشمس لأحظى بقسط من الراحة، أغمضمت عيني معلنا دخولي في غفوة نرجسية تأخذني إلى عالم أحلام اليقظة الذي أعشقه وأنتظره بفارغ الصبر كل يوم. استسلمت بكامل أطرافي وحواسي   ومشاعري إلى عالم وردي تغطيه الأزهار ومزين بالحوريات اللائي تفوح منهن عطور الياسمين  والحبق، بدأت أتجول بينهن كالنسيم ملقياً بسهام عشقٍ أبدي لم يختبرنه من قبل، فجأة ارتعتني رعشة دخلت من أسفل قدمي لتخرج من أعلى رأسي ، قاومتها كي لا أفتح عيني ولكنني أجبرت بعد صراع طويل معها أن أفتح عيني واسعتين بكل قوة، في بادئ الأمر كنت مشدوهاً من المشهد السريالي لفضاء واسع سحيق يمتد إلى ما لا نهاية. عدلت حدقة عيني في محاولة للتركيز في هذا الفضاء الواسع علّني أجد له نهاية، عبثاً أحاول، جربت أن أنصت وأدخل جسدي في سبات عميق لأستجمع قواي وأركزها في عيني ولكن هذه المحاولة أيضاً باءت بالفشل. ما أريد من هذه المحاولات أن أضع حدوداً لما أنظر إليه، أنصت قليلاً لدقات قلبي التي استمعت إليها بتناغم سرمدي لا نهاية له أيضاً وشعرت براحة وقوة في آن معاً في كل مرة يضخ فيها القلب الدماء في عروقي وأنا أشعر بارتدادها من رؤوس أصابع قدمي حتى قمة رأسي. وبدون مقدمات اقتحم عصفورفضائي النظري، استشطت غضباً، ركزت في جسمه جيداً علني أحفظ شكله، شكله، نوعه، لأي مجموعة ينتمي أ, حتى رقم لوحته لأشتكيه للأمم المتحدة ردّاً على هذا الخرق الصريح لمملكتي الجديدة. التف حول نفسه ثلاثاً أتبعها بخط مستقيم من الشرق باتجاه الغرب ومن ثم قام بدورة كاملة اعتبرتها وداعية وانطلق بلمح البصر. أشك بأنه يعمل لدى جهة معادية لي ممن يتربصون بي ليوقعني ويستولوا على مملكتي ومن الممكن أن يكون تابعاً لإحدى شركات البترول، سمعت بأنهم ينقبون جواً هذه الأيام. لحظة واحدة هل يعقل بأنني أمرت الوزير أن يقوم بإحصاء سكّاني للملكتي وهو يستخدم هذه العصفور للتصوير مثلاً، سمعت أنهم يصورون جواً ثم يعدون المتواجدون بالصور، حمداً لله أنني كنت خارج المنزل عندما التقطوا الصور وإلا لما شملني الإحصاء. تابعت مراقبة حدود مملكتي التي لانهاية لها خوفاً من أي تدخل أجنبي سافر أو اعتداء، في تلك الأثناء حطت ذبابة على أنفي، استغربت من هذه التصرف، وقفت ووجهت لي نظرة غريبة مدة طالت كثيراً وهي جامدت في مكانها، تبادلنا النظرات طويلاً وهي لا تحرك ساكنا. رفضت بادئ الأمر استخدم القوة المفرطة معها، خوفاً من الشكاوي التي تنهال علي من جمعية حقوق الإنسان والتي تهدد دائماً بقطع المعونات الأجنبية عن مملكتي. حاولت بادئ ذي بدء توجيه نظرة ساخطة اعتدت استخدامها في حالات مشابهة وأتت بنتائج ناجحة، ولكنني عبثاً أحاول، يبدو أنها ذبابة أجنبية لاتعرف عن قدراتي وإنجازاتي في هذه المجال، لو أنها فقط قابلت أحد ضحاياي لتراجعت قبل أن أحاول، إنتظر لحظة..... ملامحها وشكلها توحيان أنها من رعايا مملكتي الحبيبة ولكن اللباس والمظهر الخارجي يوحيان بالعكس! قد تكون ممن سافر قبل فترة طويلة وعاد الآن محاولاً هدم ما بنيته أعواماً طويلة. ولكن لا وألف لا.... لن أسمح لأي تدخل خارجي ولا داخلي أن يخرب ما قضيت ردحاً من الزمن في بنائه وتهذيبه. سألتف عليها من جهة أخرى.. سأجعل منها عبرة لأي ذبابة تفكر في التدخل بشؤون مملكتي، ماذا يعرفون عن التضحيات التي قدمتها، ماذا يعرفون عن عمري الذي أفنيته في بناء مملكتي. أولاً سأغلق مكاتب الصحفيين متذرعاً بالتراخيص وأصادر مكاتبهم، وسأصدر الأوامر للتلفزيون الوطني بنشر صوري وبعض إنجازاتي خلال الفترة الماضية (آه... أنا لا أذكر آخر إنجاز أنجزته) وليعرضوا فيلما كوميدياً يظهرني بمظهر الوطني المتحفظ خفيف الظل، ولا بأس من الأغاني الوطنية بين الحين والآخر. مهلاً قليلاً، لقد سمعت عن أسلوب جديد في التعتيم: إشغال الرعايا بحدث مهم عن ما أريد إنجازه في السر! سمعت أن الدول المتقدمة تستخدم الفنانين العالمييين في حفلات ضخمة تتصدر فيها أسماؤهم وصورهم الصحف والمجلات ومحطات التلفزة، أسلوب جديد ممكن استبدال أسلوب إغلاق مكاتب الصحافة الأجنبية بأن ينشغلوا بهكذا أحداثأحداثأحأ  ، والشخصيات السياسية والدينية الهامة يمكن أن يشملها نفس الترتيب. هذا أفضل من أسلوب افتعال أعمال تخريببية إرهابية وإلصاق التهمة بالمعارضة (الموضة حالياً) وتقسيم الرعايا إلى فريقين والتهجم على بعضهما البعض، كما يفعل بعض زملائي في نفس المهنة! حسناً، قد يأخذ تنفيذ المهمة وقتاً ولكن لا بأس المهم النتيجة، علي أولاً أن أقوم ببعض الاتصالات لكي أحصل على ضوء أخضر لتنفيذ المشروع.......مهلاً توقفي .... توقفي ...... إلى أين أنت ذاهبة ؟؟؟ لماذا تفعلين هذا بي؟؟؟ كنت سأمرر بعض القوانين والتعديلات الدستورية خلال هذه العملية.... ستذهب إلى مملكة أخرى وينتفع غيري منها....ماذا أفعل الآن؟ قد أضطر لإرسال مبتعثين وأتأكد أن يعودا إلي بهذه العقلية حتى أنفذ مشاريعي الكثيرة التي تشغلني عن أحلامي.....
عاودت النظر إلى فضائي الواسع... آه ما أجملك من فضاء ... ما أجملك يا مملكتي. أنت أجمل مملكة حكمتها حتى هذه اللحظة. ليتني أبقى حاكماً عليك حتى أموت، كي أتمتع بجمالك من فوق، أجمل الممالك التي ينظر إليها من فوق.... غفوت قليلاً لأعود إلى عالمي الوردي المليء بالحور العين والزمرد والأنهار الملبنة والعسلية، لكن صوت الهاتف المحمول أقض مضجعي وأمرني أن أنتصب واقفاً لأعود إلى عملي وحياتي الطبيعية.....
مهلاً! لماذا أمشي رافعاً رأسي إلى السماء؟ لماذا لدي هذا الشعور الغريب بالعزة والافتخار؟ لم أشعر أن خطواتي تحملني على ممر هوائي يجعلني أطير كالنسيم؟ هل ما زلت داخل عالم أحلامي؟ أم أن ما يقال عمن ينظر إلى السماء مرة لايرضى أن يحنى رأسه ثانية، هي مقولة صحيحة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟