الخميس، 24 مارس 2011

القلم أصدق أنباءاً من الانترنت

   أذكر في أول مرة قررت فيها التعبير عن رأيي من خلال ممارسة مهنة الكتابة، أنني كنت في الجامعة ووقعت على إحدى نشرات الجريدة الجامعية وعلمت أن أي طالب (بغض النظر عندو واسطة أو ماعندو) ممكن يكتب وينشر من خلالها وفي نفس الوقت كنت شهدت بعض الملاحظات السلبية التي أرقتني وأقضت مضجعي كطالب مراهق مناضل ثائر يريد تغيير الحال إلى الأفضل بطرفة عين!!! استللت قلمي وبدأت أحفر في الخنادق وأركب البحار وأغزو البلاد وأشرد العباد وأقتل الفقر وأمنع الفساد وأمارس الديمقراطية وأرفع الظلم حتى استيقظت على صراخ تلك الورقة البيضاء المسكينة معلنة أنني إن لم أتوقف ستسقط شهيدة بين يدي إذا لم أترك لها مكان للتنفس.
   عندها رضخت لتوسلاتها المستميتة وعفوت عمن بقي من المفسدين والظلمة واكتفيت بما كتبت.  ألقيت عليها نظرة سريعة علتها البهجة والانتصار مبشرة بالاحتفالات المبهجة التي ستغزو شوارع وطني (طبعاً بعد التظاهرات التي ستقوم من أجل تطبيق التوجيهات المكتوبة في الورقة)، فمقالة كالتي كتبت تنقش بالذهب عادة وتدرس بالمدارس وتقام عنها ندوات وتكتب حولها دراسات، من يعلم، قد يقرأها أحد الصحفيين الأجانب البارزين الكبار فيأتيني طالباً للقاء أو حتى أن الأمر يتطور لينتج عن قصة حياتي فيلماً وثائقياً.
   توجهت في اليوم التالي إلى مكتب الطلبة باحثاً عن الشخص المسؤول عن النشر في الجريدة المنشودة. كان المكان شبه مهجور(مبنى مؤلف من طابقين يضم عدة غرف تحتوي بعضها مكتبين متداخلين من أجل السكرتيرة!!!)  ما عدا بواب وبعض الموظفين أما الطلبة فمعظمهم ملتحق بكلياتهم أو يديرون شؤون الطلبة في قسم من أقسام الجامعة. بعد جهد جهيد التقيت بأحد الإداريين وكان أحد أصدقاء الطفولة ومن نفس التي أعيش فيها، استقبلني بكل احترام وفرح لأنني أحاول نشر مقالة في الجريدة وأراد مساعدتي فتوجهنا سوية إلى المكتب المسؤول ودخل وحدثه عن الأمر وعاد ضاحكاً قائلاً: "إذهب واطبعها على الكمبيوتر وقدمها مرة أخرى." عندها تذكرت أن ثورة المعلوماتية وصلت طراطيشها إلى المكتب الإداري في جامعتنا وأدركت أنني متأخر بعض الشيء عن عجلة التقدم في وطني لأنني لا أملك حاسوباً ذكياً! دخلت دائرة صمت حزينة عندما، لم أعرف كيف أعبر عن حزني لا كتابة، كوني لا أملك حاسباً، ولا شفهيا، كوني كاتب بالفطرة على ما اعتقدت ومن العيب أن أعبر عن نفسي شفهياً ماذا سيقول عني زملائي عمالقة الأدب والفكر، عندها صببت جام غضبي على الشخص الوحيد الذي ساعدني لأنه كلمني عن الحاسوب بتهكم ظناً مني أنه كان يعيرني بفقري، كانت كلمات غير مفهومة ولا أذكرها ولكنها جارحة على ما أعتقد لأنه شعر بالإهانة أمام البواب وحاول الرد ولكنني كنت قد رحلت بعدما مزقت مفتاح الثورة وطرحته أرضاً.   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق