الخميس، 31 مارس 2011

الجمعة العصيبة

   توالت تسميات وصفات عدة لأيام الجمعة، بحيث تعكس حالة الشارع العربي وما وصلت إليه من تردٍ كان غير معلن عنه لعقود مضت. البارحة خرج الرئيس السوري بشار الأسد في أول ظهور له بعد الاحتجاجات التي بدأت منذ أسبوعين في مدن عدة في سوريا، في خطاب دام أكثر من 50 دقيقة شرح فيه عن الماضي والحاضر والمستقبل للأوضاع في سوريا مركزاً على أنه جاهز للحرب في حال أرادوا ذلك.
   ظهور البارحة مهدت له المستشارة الإعلامية للرئيس السوري بجملة من القرارات التي كانت تحت الدراسة على حد تعبيرها وكان من المتوقع أن يتخذ الرئيس الأسد قراراً بالتنفيذ ولكن، يبدو أننا جميعاً أخطأنا في فهم ماهية هذه القرارات. على سبيل المثال لا الحصر (قالت بثينة شعبان: رفع قانون الطوارئ) المستمع العادي لهذه الكلمات يفهم بأن القرار الذي سوف يتخذ هو إنهاء قانون الطوارئ، لكن ما تمخض الخطاب عنه البارحة هو رفع مستوى قانون الطوارئ. إلى أي مستوى لا أحد يعلم لأنها اسرار أمنية سوف تترجم للأسف يوم الجمعة. زكما تعودنا نحن في سوريا على ترجمة خطاب الرئيس وشرحه وتداوله وتدريسه وتغيير المنهاج الدراسي لإدراجه وفي بعض الأحيان تنفيذ بعض ما ورد فيه، حتى الامتحانات الجامعية يجب أن تتمحور إحدى المواد الدراسية في الجامعة حول خطاب الرئيس، أنا شخصياً عانيت كثيراً حتى استطعت في النهاية أن أنجح فيها. وهذا طبيعي فلكي تفهم هكذا الخطاب أنت بحاجة لدروس خصوصية.
   كنا دائماً ودوماً كسوريين نعبّر عن فرحتنا بكل مشاعرنا الورقية والحنجريّة والقدمّية (الدبكة) بعد خطاب الرئيس لمدة لا بأس بها، ثلاثة أيام أحياناً أسبوع، فيما كان يسميه النظام العرس الجماهيري. ما كان يثير حفيظتي خلال أيام كتلك أن الجميع دون استثناء يتوجهون إلى الساحات مدفوعين من مدرائهم في العمل بالإضافة لزعماء عائلاتهم الذين يوجهونههم في يوم سابق للتوجه إلى الساحات وبالتالي يقوم هؤلاء بتوجيه أولادهم في سلسلة لا يمكن كسرها.
   مالذي حصل الآن، ما رأيته يوم الثلاثاء كان أقل من مسيرة تأييد للرئيس المراقبون من الخارج لم ينتبهوا لذلك. إن الأعداد التي خرجت هذه المرة مع أنها كثيرة ولكنها قليلة مقارنة مع ما كنا نفعله أيام الدراسة وحرب العراق والأزمة اللبنانية السورية. هناك شرخ كبير بين النظام والشعب في سوريا ظهر للعيان يوم الثلاثاء29-03-2011، ساحة السبع بحرات في دمشق أصغر بكثير من ساحة الأمويين أو ساحة العباسيين، لماذا هناك وليس أي ساحة أكبر وأين المنصات الجماهيرية وأين الخطابات الموالية ما الذي يحصل في وطني؟
   أعود لأذكر أن الرئيس لمح في خطابه الأخير30-03-2011 إلى أنه مستعد للحرب ولم يعزي بالشهداء وركز على كلمة (شعبي)، أما أنا فخائف من يوم جمعةٍ سيكون عصيباً على سوريا كلها.
    
31-03-2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق