السبت، 16 أبريل 2011

شباب يعشقون الحرية حتى الموت

   كلما حاولت الكتابة بعيداً عن يوم الجمعة، يعارضني قلمي ويرسم الكلمات رغماً عني. كان، ومايزال، يوم الجمعة عيدأ عند المسلمين وترتبط به مناسبات دينية وفتوحات إسلامية وحتى انتكاسات. وهو في الأيام العادية يوم يتحضر المسلمون له من أجل لقاء الله عزوجل في المساجد والاستماع إلى الخطبة التي يلقها الإمام ومن ثم يتوجه كلّ إلى مصلحته وتكون المصلحة في يوم الجمعة هي إما زيارة الأهل والأقارب أو الخروج في نزهة مع الأهل والأصدقاء والبعض يستغل يوم الجمعة في عمل إضافي يدر عليه مالاً لابأس به يعينه على بقية أيام الأسبوع.
   أما في الأشهر الثلاثة الماضية صار يوم الجمعة له طابع خاص، في سوريا على سبيل المثال، ينتظر المسلمون يوم الجمعة لتأدية الصلاة والخروج بعدها للتظاهر حتى أن الكثيرين باتوا ينتظرون يوم الجمعة من الجمعة إلى الجمعة، كما يقال بالعامية، لأن المشاعر الفريدة من نوعها لا تحصل عليها في أيام الأسبوع العادية. بل وأكثر من ذلك أصبح الذهاب إلى المسجد يوم الجمعة في سوريا من الفروض الهامة جداً التي تحتم عليك عدم تفويتها خاصة بعد خسارة قريب في إحدى أيام الجمع الماضية.
   قبل الجمعة الماضية وصل السوريون إلى مرحلة يودعون فيها أهلهم وأبنائهم وزوجاتهم ويتوجوهون إلى المسجد (سمعت أن في حمص يبيعون الأكفان على باب المسجد ب300 ليرة سورية) لأن النظام السوري أراد قمع الاحتجاجات  باتباع أسلوب كلاسيكي (إضرب المربوط يخاف الفالت) أو نظرية أقتل من كل قرية شخصا أو اثنين يخاف باقي أهالي القرية والقرى التي حولها، ولكن الخطأ هذه المرة كان من نصيب النظام لأن الشعب السوري لم يسكت هذه المرة كما كان يحصل في المرات السابقة بل أكثر من ذلك قام بتوثيق ونشر ما يحصل في الخفاء حتى أن بعض وسائل الإعلام ساعدت في النشر.
   السؤال الذي يطرح نفسه بشدة، لماذا انتصر الشعب على نفسه؟ هل لأن الزخم الإعلامي يرافق الأحداث بشكل آني أم أن التجارب السابقة التي وقعت في الماضي القريب جداً في مصر وتونس شجعت بقية الجماهير العربية للثورة ضد النظام حيث أن هذه الثورات الناجحة أثبتت أن إسقاط النظام أمراً ممكناً. والاحتمال الثاني أن الغيرة والحمّية على ما حدث في مدينة درعا من إرهاب وتقتيل والخوف من حصول مجزرة أخرى على غرار ما حدث في مدينة حماة سنة 1982 هو ما دفع الناس في بقية المحافظات لاغتنام الفرصة وقول جملة (لا) التي كانت محظورة في يوم من الأيام.
   ما يثير التساؤل أين كان كل هذا الغضب و الزخم منذ زمن طويل؟ أين كان هؤلاء الشبان أيام الانتخابات والاستفتاءات؟ أين كانوا عندما كان الاعتقال لايعرف صغيراً ولا كبيراً، طفلاً أو مسناً؟ برأيي لاجدوى من هكذا تساؤلات ما أعرفه أن النظام السوري سيشهد أياماً عصيبة بسبب خطأه الأساسي الذي ارتكبه عندما قتل أول شهيد في درعا.    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق