الثلاثاء، 19 أبريل 2011

ويستمر التهميش في سوريا على قدم وساق



   منذ عقود مضت، بشكل خاص الفترة التي تسلم خلالها حزب البعث السلطة في سوريا، تتبع سياسة تهميش المعارضة وتحجيمهم وحتى عدم الاعتراف بوجودهم بشتى أنواع الوسائل الإعلامية والرشاوى والاعتقالات وتلفيق التهم الجنائية وصولاً إلى الحملات التسويقية (العلاقات العامة) التي تمارس في السنوات العشر الماضية. في مطلق الأحوال كانت الاستخبارات تتشارك مع وسائل الإعلام في سوريا لإظهار عناصر الأمن على أتهم الضحية دائماً طمس معالم الجرائم التي يرتكبونها بهدف ترهيب من يفكر بالتعرض لهم.  

   للأسف، أضحت هذه السياسة مكشوفة للعلن بعد ثورة التكنولوجيا التي شهدتها سوريا ولم يعد باستطاعة أجهزة الأمن التحكم بالكم الهائل من المعلومات التي يتداولها السوريون بل اعتمدت أجهزة الأمن على وسيلة قديمة جداً ولكنها فعالة حتى يومنا هذا وهي الإشاعة، حيث يقوم عناصر الاستخبارات ومن معهم من (المخبرين) بنشر إشاعات عن أن الدولة تراقب جميع تحركاتك على الشبكة العنكبوتية في سوريا وهذا الأمر مستحيل بامتياز حصل في السعودية عندما وضعت دراسة لإيقاف خدمة هاتف البلاك بري لأن المخدم الرئيسي في كندا رفض السماح للسلطات السعودية بالتنصت عليه أو حتى استخدم قاعدة البيانات الخاصة بالعملاء من السعودية. وهذا الكلام ينطبق على جميع مواقع الانترنت المملوكة لجهات أجنبية فالخصوصية شيء مقدس عندهم وارتفاع نسبة أرباحهم ناتجة عن الاهتمام بهذه الموضوع بالذات دوناً عن غيره.

   كل ذلك الشرح السابق لا يمكن أن يثني سياسة وسائل الإعلام الموجهة (propaganda  ) عن سياسة النظر بعين واحدة إلى الخبر والترويج أيضاً لجهة واحدة دون أخرى وي كأن المستمع لهم مقتنع بمصداقيتهم التي سقطت منذ زمن طويل رغم الجيوش المنقطعة النظير من الإعلاميين وكاميرات التلفزة بالإضافة للأموال التي تصرف في سبيل كل ذلك. حتى أن باتريك سيل الإعلامي البريطاني الشهير على مستوى العالم، روج في يوم من الأيام للنظام السوري وغير وجهة نظر معظم الأوروبيين الذين اعتبروا النظام دكتاتوري بحت، ولكنه رفض الانسياق معهم خلال الاحتجاجات ضد النظام التي تحصل الآن في سوريا مؤخراً.

   على الرغم مما سبق ذكره، فإن سياسة النظر للحدث بعين واحدة تسقط تلقائياً خاصة وأن النظام يستنفذ قواه الإعلامية الخارجية الواحدة تلوى الأخرى، لأن هذه الوسائل ليست مستعدة لخسارة جمهورها ومصداقيتها العالمية، على سبيل المثال، البيان الذي صدر من قبل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حيث أن هذه المؤسسة كانت دائماً وأبداً تقف في منتصف الجسر منعاً لأي تهميش لجهة على حساب أخرى. في هذا السياق يجب أن لا نستثني المؤسسة الدينية في سوريا التي توصف بأنها مأجورة للنظام من سياسة النظر بعين واحدة، خاصة بعد سقوط مصداقية معظم رجال الدين المتحولين إلى إعلاميين وأبواق لا أكثر.

   قد يسامح الشعب السوري الإعلاميين الذين عاشروا النظام منذ بدايته وأثبتوا ولائهم المطلق للبعث لأنهم كانوا جزءاً لا يتجزأ من الثورة البعثية آنذاك، وتابعوا المسيرة دفاعاً عن آرائه وأفكاره مقتنعين بأنهم وصلوا للسلطة لتحقيق هدف سام باعتقادهم، ولكن السؤال المثير للجدل ما الذي يدفع بالإعلاميين الصغار أو الذين وصلوا على ظهور آبائهم وأقاربهم  لتسلم قيادات لا يحلمون بالوصول لها في دول ديمقراطية، لهذا الدفاع المستميت عن الجلاد على حساب الضحية؟

   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق